ج :إذا قَبَّلَ الرجل امرأته وهو صائم فإن ذلك لا يؤثر على صومه ، ما دام لم
ينزل ، لم روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقبل ويباشر وهو صائم ، وكان أملككم لإربه وقولها رضي الله عنها :
وكان أملككم لإربه ، فيه إشارة إلى إباحة القبلة والمباشرة خاصة لمن كان مالكاً
لنفسه ، أما من لا يأمن الإنزال أو الوقوع في الجماع فذلك حرام عليه .
* قبَّل فأنزل
س : رجل قبل امرأته وهو صائم فنز منه مني فما حكمه ؟
ج : إذا قبل الرجل ، أو ضم ، أو كرر النظر ، أو استمنى فأمنى فسد صومه ،
وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل ، ويتم صوم اليوم الذي أفسده ، ويقضي يوماً مكانه.
* قبَّل فأمذى
س : رجل قبل امرأته وهو صائم فنزل منه مذي فما حكمه ؟
ج : المذي : سائل لزج شفاف ، يخرج من الرجل عند اشتداد الشهوة ،
وهو غير المني ، فالمني سائل أبيض مخثر ، له رائحة كرائحة الطلح ، وخروج
المني بشهوة مفسد للصوم ، أما المذي فمختلف فيه ، فعند الإمامين :
أحمد ومالك رحمهما الله يفسد صومه ، وعليه القضاء وعند الإمامين الشافعي
وأبي حنيفة لا يفسد صومه ، إلا أنه قد أساء . والأحوط أن يقضي من خرج منه مذي ،
خروجاً من الخلاف القوي ، ولأن الصوم ترك للشهوات ، ومن خرج منه مذي
لم يترك الشهوات ، حيث أنه لا يخرج إلا عند اشتداد الشهوة .
* الاستمناء
س : ما حكم الاستمناء في نهار رمضان ؟
ج : من استمنى - باستعمال العادة السرية أو غيره - ونزل منه مني فسد صومه ،
وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل ، ويمضي في صوم اليوم الذي أفسده ويقضي
يوماً مكانه .
* الجماع
س : رجل جامع زوجته في نهار رمضان ،
فماذا عليه وعليها ؟
ج : من جامع وهو صائم في نهار رمضان فأنزل أو لم ينزل فقد ارتكب إثماً
عظيما ، وهتك حرمة شهر كريم ، لذلك فإن فعله ÷ذا تترتب عليه أمور أربعة :
1- التوبة الصادقة إلى الله تعالى : والعزم على عدم العودة إلى فعل هذا المنكر القبيح ،
الذي عبر عنه ذلك الرجل الذي فعله ، وجاء إلى رسول الله لله تائبا بقوله :
(( هلكت يا رسول الله )) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( وما أهلكك )) قال : وقعت على أهلي في نهار رمضان .
فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على قوله هلكت .
والهلاك يعبر به عن الوقوع في العصيان .
لذلك أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا : (( استغفر الله ))
2- يتم صوم يومه الذي جامع فيه : وإن كان بجماعه قد أفسد صومه .
3- يقضي يوماً بدل هذا اليوم : لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي فعل ذلك :
(( وصم يوماً مكانه ))
ولأنه أفسد صوم يوم من رمضان فلزمه قضاؤه ، كما لو أفسده بأكل أو شرب .
أو أفسد صومه الواجب بالجماع فلزمه قضاؤه كغير رمضان .
4- عليه الكفارة : وهي كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال يا رسول الله ،
وهلكت ، قال : (( مالك )) قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( هل تجد رقبة تعتقها ؟ )) قال : لا . قال :
(( فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ )) قال : لا .
قال : فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينما نحن على ذلك ،
أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعَرقَ فيها تمر - والعق المكتل - قال :
(( أين السائل ؟ )) فقال : أنا . قال : (( خذ هذا فتصدق به ))
فقال الرجل على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله مابين لا بتيها - يريد الحرتين –
أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت
أنيابه ثم قال : (( أطعمه أهلك )) .
فالكفارة هنا على ثلاث مراتب ( المرتبة الأولى ) عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد
لفقره ، أو لعدم وجود الرقبة انتقل إلى :
( المرتبة الثانية ) وهي صوم شهرين متتابعين ، لا يفطر فيهما ، فإن أفطر فيهم
يوماً أو أكثر بدون عذر شرعي وجب عليه أن يستأنف الصوم
( أي يبتدئ الصوم من أوله ) لأن رسول الله قال : ( شهرين متتابعين )
وإن أفطر فيهما يوماً أو أكثر لعذر شرعي كمرض ، أو سفر لم يقصد به التحايل
فإنه يبني يصوم ما بقي عليه بعد شفائه وهو شهر ، حتى يكمل الشهرين .
فإذا كان من عليه الكفارة عاجزاً عن الصوم لمرض لا يرجى برؤه ، أو لأنه
شيخ هرم يشق عليه الصوم
انتقل إلى ( المرتبة الثالثة ) وهي : إطعام ستين
مسكيناً ، وذلك لأن الشهرين ستون يوماً ، ومن عجز عن الصوم لمرض لا
يرجى برؤه أو لكبر سن أطعم عن كل يوم يفطره مسكيناً ، وكذلك هنا يطعم
العجز عن صوم الكفارة مسكيناً بدل كل يوم فإن عجز عن الإطعام سقطت
عنه الكفارة ، وهذا من لطف الله بعبادة أن أسقط عنهم ما يعجزون عن أدائه ،
فله الحمد والمنة سبحانه .
أما المرأة فعليها - إن كان الجماع برضاها - مثل ما على الرجل وإن كانت
مكرهة فلا شيء عليها ، غير أنها تقضي ذلك اليوم الذي جامعها زوجها فيه .
* جامع أكثر من مرة
س : رجل جامع زوجته أكثر من مرة في نهار رمضان ، فهل عليه كفارة واحدة أم أكثر ؟
ج : إن جامع الرجل في يوم واحد أكثر من مرة قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة ،
إلا أنه آثم في كل مرة . أما إن كان الجماع في أيام مختلفة فعليه أن يكفر كفارة
عن كل يوم جامع فيه فيكون مجموع الكفارات عدد الأيام التي جامع فيها ،
فلو جامع ثلاث مرات في رمضان يكون عليه ثلاث كفارات ، لأن كل يوم عبادة
منفرده ، فإذا وجبت الكفارة ، بإفساده لم تتداخل ، كرمضانين وحجتين .
* الاحتلام
س : رجل نام فاحتلم في نهار رمضان ، فهل يفسد صومه ؟
ج : من احتلم في نهار رمضان لم يفسد صومه لأنه فعل حصل بدون علمه واختياره ،
قال تعالى : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
وقال صلى الله عليه وسلم : (( رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ ،
وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل )) .
* أصبح جنباً
س : رجل جامع أهله بالليل ، ونام قبل أن يغتسل ، ولم ينتبه من نومه إلا بعد طلوع الفجر الثاني ، فكيف يفعل ؟
ج : من أصبح جنباً من جماع وقع بالليل فصومه إن صام صحيح ، وكل ما عليه :
أن يغتسل ويصلي الفجر . قالت أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام ، ثم يصوم رمضان .
* متى يجوز للمسافر الفطر
س : هل يجوز للصائم أن يفطر إذا كان مسافر بالسيارة أو الطائرة ، أم لابد
من كون السفر على الأقدام أو الدواب حتى يفطر ، وهل يشترط أن تكون هناك
مشقة في السفر ، وهل يقضي ، وما هو الأفضل في حقه ؟
ج : يجوز للمسافر سفر تقصير فيه الصلاة أن يفطر سواء كان مسافراً على
الأقدام ، أو على الدواب ، أو السيارات ، أو الطيارات ، أو السفن ، فمتى
وجد السفر جاز الفطر ، سواء وجد مشقة أم لم يجد ،لأن الله تعالى علق
الفطر على مطلق السفر ، فقال سبحانه : ( ومن كان مريضا ً أو على سفر فعدة من أيام أُخر )
فإذا زال سفره وانقضى رمضان قضى ما عليه من صيام ، وليس عليه إطعام .
أما الأفضلية فهي مختلفة من شخص لأخر . ومن سفر إلى سفر ، ومن وقت إلى
وقت . فقد يكون الصوم أفضل ، وقد يستوي الحالان ، وقد يكون الفطر أفضل ،
وقد يجب الفطر ، وهذه الحالات ، هي :
- الحالة الأولى : الصوم في السفر أفضل :
وذلك في حق من لا يجد مشقة في سفره كمن يسافر عبر وسائل المواصلات
الحديثة المريحة . والصوم أفضل لأمور ، منها :
1- لأنه أسرع في إبراء الذمة وعدم تحمل دين الصوم .
2- والصوم أفضل لأن فيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يفطر في السفر إلا لحاجة شديدة ،
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في بعض أسفاره ، في يوم حار ، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر ،
وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل .
3- والصوم أفضل ، لأن كثيراً من الناس يجدون في الصوم في رمضان مع الناس
سهولة ، قد لا يجدونها في أيام الفطر ، حيث يكون الناس مفطرون وهم صائمون ،
والمسلم مطلوب منه أن يأخذ بالأسهل ، وما ليس عليه فيه حرج ، ما لم يكن إثماً .
وهذا أمر ملاحظ من كثير من الناس ، حيث يدركه رمضان آخر فيقع في إثم التأخير .
- الحالة الثانية : يستوي فيها الصوم والفطر :
وذلك في حق من يجد بعض المشقة ، لكنه قوي جلدٌ لا تؤثر فيه ، ولا تمنعه من
فعل النوافل ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : أن حمزة الأسلمي
رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أأصوم في السفر ؟
وكان كثير الصيام ، فقال : (( إن شئت فصم ، وإن شئت فافطر ))
وعن أنس رضي الله عنه ، قال : كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم وقال أبو سعيد الخدري
رضي الله عنه مثله ، وزاده : يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ،
ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن . وكذلك قال جابر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم .
- الحالة الثالثة : يكون الفطر فيها أفضل :
في حق من وجد مشقة تتعبه ، أو تمنعه من فعل بعض الطاعات فعن
أنس رضي الله عنه ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ،
فصام بعض وأفطر بعض ، فتحرم المفطرون وعملوا ، وضعف الصائمون عن
بعض العمل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ذهب المفطرون اليوم بالأجر )) .
- الحالة الرابعة : يكون الفطر فيها واجباً :
في حق من وجد مشقة تؤذيه ، أو تمنعه من فعل شيء من المفروضات ،
أو أغمي عليه بسببه ، فعن جابر رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ، ورجلاً قد ظُلل عليه ، فقال : (( ما هذا ؟ ))
فقالوا : صائم . فقال : (( ليس من البر الصوم في السفر ))
وعنه رضي الله عنه - في حق من شق عليهم الصوم ، وأمرهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يفطروا فلم يفطروا - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( أولئك العصاة ، أولئك العصاة )) .